القرآن والاتزان النفسي
«الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب» الرعد:28
يقول الطبري في تفسيره: «بذكر الله، تسكن وتستأنس قلوبُ المؤمنين». في زحام الدنيا، وبين مشاقّ الأيام يهدهد القرآن أوجاع الروح، يسكن ألمَ الأفئدة ويهدّأ من روع الخائف.. لا يترك الله لعباده ثغرةً للشتات، يشملهم بغاية رحمته فأوحى بكلماته هدهدةً للنفوس.
«وننزل من القرآن ما هو شفآء ورحمة للمؤمنين» الإسراء:88
فإن سمعه مضطربٌ سكّنه، وإن سعى لحفظه حفظه ورعاه، وإن التجأ إليه مرتعد أمِن، وإن تركه تركه! فالاستشفاء بالقرآن لا يكون فقط لعلاج الجهل، بل لزيادة البصيرة ومعرفة مدى رحمة الله ونعمه، فيطمئن قلبه.
ويتجلى في القصص القرآني؛ عقب كل سورة يذكر الله تعالى أن هذه القصص أنزلت لحكمة؛ فمثلًا في قصة النبي نوح يذكّر الله النبي محمد أنه لم يكن الوحيد الذي قوبل بالرفض، لقد عانى نوحٌ أيضًا مئات السنين، وما آمن معه إلا قليل. ومن قصة آدم عليه السلام، نرى أن الخطأ البشريّ وارد، وأن خير البشر خين أخطأ استغفر، ليعلمنا الله بعد ذلك على لسان النبي محمد أن خير الخطائين التوابون.
«يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا» فبمعرفة القرآن، وقراءة تفاسيره تزداد النفس ثباتًا وثقة في الله القادر، وفي تقبل قضاء الله؛ فيشكر ويحمد إن أصابته سرّاء، ويصبر ويسترجع إن مسّه الضرّ. «وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون»، لما في الاستسلام لأقدار الله، والإيمان باسمه العليم من جزاء حسن في الدارين.
القرآن والواجبات الشرعية:
أ . الصلاة: أن ينفض الإنسان ما بيده ليتصل بالسماء في خشوع خمس مرّاتٍ كلّ يوم، كفاصل من المشاقّ الدنيوية، يساعد في تخفيف حدة التوتر من ضغوطات الحياة.
ب . الزكاة: ففي انتزاع حقّ الفقير من مالك الخاصّ تطهير للقلب من الشحّ وحبّ المال، وزرع فضيلة العطاء أو الإيثار.
ج . الصيام: أولها ضبط الشهوات، فحين يمنعك الأمر الربانيّ لساعاتٍ فذبك ليعلّمك الانتباه، ووضع الحدّ للشهوة، كما أن الصيام يعزز شعور بها المعافى بالمصاب، والغتيّ بالفقير والشبعان بالجائع.